موضوع: يا خيل الله الأربعاء أكتوبر 02, 2013 6:43 am
ينقل المخرج المغربي نبيل عيوش في فيلمه "يا خيل الله" كاميراه إلى قلب أحد أشهر الأحياء الشعبية بضاحية الدار البيضاء، "حي سيدي مومن" الذي ينحدر منه منفذو هجمات 16 مايو/أيار 2003 بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، مقترحا رؤية سينمائية تنطلق من الأرضية والأوضاع التي أنجبت ظاهرة العنف لدى شباب الهامش. ولئن أصبحت ظاهرة التطرف موضوع صيحة جديدة في سينما بلدان كثيرة، منها المغرب، فإن "يا خيل الله" يشكل محطة مميزة من حيث جرأتها وصدقيتها الفنية التي راهن عليها عيوش، وهو أحد رموز جيل ما بعد الرواد في السينما المغربية، من خلال اختيار أسلوب التصوير الخارجي في المشاهد الطبيعية أولا، وعبر الاعتماد على فريق خاص مكون من فتيان وشباب ينحدرون فعلا من حي سيدي مومن. وقد اقتبس المخرج الشاب مادة الفيلم من رواية تحمل عنوان "نجوم سيدي مومن" للكاتب والتشكيلي المغربي ماحي بينبين الذي حاول تقديم مقاربة هادئة اجتماعية للدوافع التي أفرزت هجوما إرهابيا أسقط ما كان يسمى في المملكة مفهوم "الاستثناء المغربي". حركات رشيقة لكاميرا تتسلل بسلاسة إلى قلب الحي الصفيحي على هامش مدينة الأعمال، تنتقل من مشاهد علوية تظهر معها البيوت القصديرية مثل علب كبريت متراصة، إلى مشاهد تفصيلية في صلب بؤس البيوت المأهولة بكائنات عارية تواجه انسداد المصير، وتفتقر إلى نماذج حية للنجاح وتحقيق الذات. يبني الفيلم مادته الدرامية على مسارات أربعة شباب من أبناء الحي البائس، أدى أدوارهم شباب هاو بدون أي تجربة مسرحية أو سينمائية. فبالنسبة للمخرج كان الأهم من التوفر على رصيد معرفي أو تكوين درامي، أنهم يحملون تجربة المعيش اليومي في فضاأت الحي الشهير. يقتفي سيناريو الفيلم تطور وعيهم بذواتهم وبالمحيط الذي يعيشون فيه، من الطفولة التعيسة إلى الشباب الناقم المحبط، ومن التخبط في عوالم الفقر والجريمة والمخدرات إلى الارتماء في أحضان حركة جهادية تبشر بالجنة القريبة التي يمر دخولها عبر فعل بسيط تقنيا: تفجير مجموعة من أوكار الفساد والرذيلة. الهم الاجتماعي الذي سيطر على فيلم يقول عنه صاحبه إنه لا يسعى لتبرير أعمال إرهابية مدانة بل إلى فهم التربة التي ينبت فيها فكر عنيف ناقم على المجتمع...