موضوع: الأبدية ويوم الإثنين مايو 09, 2011 12:25 am
في دورة مهرجان كان السينمائي لعام 1995 منحت لجنة التحكيم التي ترأستها الممثلة الفرنسية الأسطورية جين مورو جائزة لجنة التحكيم الكبرى لفيلم (نظرة عوليس - Ulysses Gaze) للمخرج اليوناني الكبير ثيو أنجلوبوليس، وهذا يعني، من دون أدنى شك، أن فرصة فوزه بالسعفة الذهبية قد ذهبت أدراج الرياح، والتي كانت في تلك السنة من نصيب البوسني أمير كوستاريكا عن فيلمه الكبير (تحت الأرض- Underground). وما كان من المخرج اليوناني إلا أن صعد المنصة واستلم الجائزة من الممثل الأمريكي آندي جارسيا، الذي توتر قليلاً عندما رأى إمارات عدم الرضا بادية على وجه أنجلوبوليس الذي قال باقتضاب شديد وهو ينظر لجائزته بازدراء، موجهاً كلامه إلى لجنة التحكيم: "إذا كان هذا هو ما يجب أن تمنحوه لي، فليس لدي ما أقوله لكم" وغادر المنصة غاضباً، تاركاً وراءه الجمهور وعدسات المصورين وآندي جارسيا وهم في حالة ذهول وحرج!. وفي عام 1998 عاد ثيو أنجلوبوليس لينجز فيلمه الأثير (الأبدية ويوم – Eternity and a Day) الذي يعتبر، الآن، أكثر أفلامه خصوصية وشعرية ونضجاً، وهو الذي بدأ ناضجاً منذ فيلمه الأول، الذي منح جائزة خاصة من مهرجان برلين السينمائي، وجاء بعنوان (اعمار – Reconstruction) عام 1970 بعد أن أتم دراسته للأدب في جامعة السوربون الفرنسية، وقرر أن يدرس السينما بعدها، وينخرط فيها كلياً. فيلمه (الأبدية ويوم) يحمل رؤى عميقة ويدعو للتأمل في طبيعة الحياة من وجهة نظر رجل عجوز، يصور لنا أنجلوبوليس، وإن بطريقة غير مباشرة، رحلة ما قبل الموت، ورحلة الاحتضار التي يعيشها هذا الرجل، والذكريات التي تتمثل له بالمشاهد واللحظات السعيدة في بيته، وبين عائلته، وزوجته الجميلة التي رحلت مبكراً وهي في ريعان شبابها، إنها، إذن ذكريات جميلة. ولكن يتخلل هذه الصور المتخيلة، رحلته في الواقع، رحلته في موطنه اليونان الذي أصبح أشبه بمكان للأشباح، رحلته مع ذلك الفتى الصغير المشرد القادم من ألبانيا التي يمزقها الحرب والفقر، رحلته في شوارع اليونان التي أصبحت مرتعاً لعصابات الجريمة المنظمة، والتي قد تمحو من أذهاننا، لوهلة، عراقة تاريخ هذه البقعة التي تجسدت فيها يوماً ما أعظم الحضارات على وجه الأرض، وهذا هو ما كان الموضوع الأثير لدى أنجلوبوليس في أفلامه السابقة في السبعينات والثمانينات. هذا الفيلم فاز بجائزة السعفة الذهبية في ذلك العام، ,1998 وعن جدارة واستحقاق عبر عنها مارتن سكورسيزي، رئيس لجنة التحكيم في تلك الدورة من مهرجان كان، التي قدمت الجائزة لهذا المعلم السينمائي الكبير.