في فيلمه الجديد الموسوم (افضل عرض) انتاج 2013 حصد المخرج الأيطالي (جوريبي تورناتوري) الذي يسميه جمهور(كان) بمخرج الأوسكارات، حصد أربع جوائز أولها جائزة الجمهور، وجائزة أفضل مخرج ، وجائزة افضل فيلم وجائزة افضل موسيقى للموسيقار (اينيو موريكوني) ضمن مهرجان جوائز الأوسكار الايطالي المتعدد.. صور الفيلم في مدينة تربينتي في الشمال الايطالي.. يقول عنه المخرج لطالما كنت منجذبا لهذا المصطلح (افضل عرض) الذي يعد في عالم الفن هو العرض الاعلى ، سبق للمخرج (توناتوري) أن حصد الكثير من الجوائز خاصة عن فيلمه الشهير الاسطورة 1900وفيلم سينما باراديو الجديدة فيلم مالينا وغيرها من الافلام. تدور احداث فيلم (افضل عرض) في أكثر أماكن المجتمع الايطالي ارستقراطية ، وهو يتحدث عن علاقة حب غامضة جدا ، كذلك يمكن أن يكون عنوان الفيلم بحد ذاته تعبيرا رمزيا عن أغرب قصة حب تقوم بين (فيرجل اولدمان) مقيم أكبر مزادات العالم يؤدي الدور ببراعة الممثل (جيفري راش) وبين فتاة غامضة تدعى (كلير استورن) تؤدي الدور الممثلة (سيلفيا هويكس) قصة الحب هذه نسجت وتطورت بغموض عجيب.. فالرجل في خريف العمر ، لم يسبق له أن تزوج أو أرتبط بعلاقة مع امرأة.. فهو مشغول بشهرته التي تتصاعد ومتحفه السري الذي أقامه في بيته ، في غرفة سرية محصنة ومزودة بشيفرة سرية للابواب المؤدية الى الغرفة السرية التي وضع فيها خيرة اللوحات العالمية ، مجموعة من الوجوه النسائية اللواتي شكلن تعويضا له عن حرمانه وعدم تعلقه بامرأة ما ، تبدأ القصة حينما تتصل امرأة بهاتفه وهي تحسبه السكرتير تقول له أنها تدعى كلير استورن ، وانها تمتلك في فيلتها تحفا أوصاها والدها بأن تتصل بفيرجل ليثمنها ويبيعها.. يذهب الى الفيلا ، التي تبدو كأنها مهجورة من الخارج ، لكنه حالما يدخلها تفاجئه اللوحات والتحفيات والانتيكات الثمينة وبدهائه وخبرته يوقن أنه وقع على كنز ، لكن المشكلة أن المرأة تختلق الاعذار دائما ولاتقابله ، لكنها في المقابل توفر له حرية الدخول والخروج من الفيلا بواسطة الخادم في أي وقت يشاء ، وتتوالى المشاهد ، نراه جالسا أمام لوحاته في غرفته السرية يفكر في هذه المرأة التي لم يرها لكنه يسمع صوتها ، مشهد التأمل وتعابير الممثل جيفري راش حيث تدور الكاميرا بلقطات الزوم المتوسطة بين الوجوه في اللوحات وتلك النظرة المتعطشة المتسائلة والمتلذذة بالجمال السحري ، العلاقة تتوطد بينه وبين كليرعبر الهاتف ودائما هناك اعذار.. أعذار تتراكم وتسبب له الملل ، ويقرر في لحظة غضب (اذهبي الى الجحيم انت وقصرك) لكن سرعان مايتورط في موعد جديد معها ولايتحقق اللقاء ، فيدس مبلغا بيد الخادم ليفهم منه ، انها شابة ومريضة بمرض غريب اسمه (رهاب الاماكن المكشوفة) لهذا فهي لاتستطيع أن تغادر القصر او غرفتها ، يجوب غرف القصر وسردابه ، تلفت نظره عتلة صغيرة مرتبطة بعتلة اكبر ، تشبه مكائن الساعات ، يحملها ويضعها أمام شاب يمتلك عقلية علمية كبيرة تثير اعجابه بهذه الامكانية التي تنسحب على كل شيء ، فتتوطد بينهما علاقة صداقة قوية تقوم على الاعجاب ، الميكانيكي الشاب ، يتأمل القطعة واعدا أياه بدراستها وتحليلها. أمام القصر حانة تطل على البوابة الرئيسية ، يتردد دائما اليها قبل أن يدخل بوابة الفيلا ، فيمضي بعض الوقت في تلك الحانة ويرى شابة مشوهة قزمة تجلس على كرسي متحرك ، تطل على الشارع ، ولديها القدرة على اجراء عمليات احصائية معقدة ، تلفت نظره وهو يدخل بما يشبه الحمى اذ أحس انه بدأ يتعلق بالمرأة رغم عدم رؤيته لها ، تسلمه مفاتيح القصر والغرف ، ويدس لها مظروفا يحتوي على العقد توقعه وتعيده اليه ، تحدثه عن حياتها وانها تمارس الكتابة.. تكتب القصص والرايات ولكن بأسم مستعار ، يحدثها من خلال فتحة في الغرفة.. ولايرى منها سوى عينها.. وهي لاترى منه سوى عينه ، يوهمها أنه خرج ، لكنه يختفي خلف أحد التماثيل ، تخرج من الغرفة وتمارس حياتها في الصالة ، يرى أمامه شابه جميلة شقراء مذهلة ، وفيما هو مشدوه بالنظر اليها وهي تتعرى يسقط منه هاتفه... تحس به تهرع الى غرفتها ويهرب هو ، تتصل به قبل أن يصل الشارع تطلب منه أن يأتي لنجدتها ، تخبره أن هناك من أقتحم عليها عزلتها قبل قليل ، لكنه يهدأ خوفها ويخبرها أنه هو من كان في الصالة يراقبها قبل قليل ، تصرخ به غادر القصر بسرعة ، وقبل أن يصل نهاية السلم ، تناديه وهي خارج الغرفة ، يصعد غير مصدق ليجدها أمامه وجها لوجه ، فيدرك انه مولع بها ولاخلاص الا في معالجتها من مرضها ، وفي هذا الاثناء يواصل العثور على اجزاء من تلك الخردة والعجلات التي يفسرها الميكانيكي الشاب بانها تعود الى أول وانجح روبوت ناطق ومتحرك ، يتحمس الميكانيكي على ضرورة العثور على باقي قطع الروبوت لأعادته الى ماكان عليه ،وفي رحلاته المكوكية بين الفيلا والميكانيكي يجلب له قطعا مكملة للروبوت، ويحدثه عن ولعه بالمرأة محاولا أن يستفيد من خبرته الكبيرة مع النساء الكثر اللواتي يراهن حوله، يواصل الميكانيكي نصحه.. افعل كذا.. اجلب لها هدية.. اشتري لها فستان.. يمكن دعوتها في فندق فاخر.. حتى اللحظة التي دعته فيها ليلا.. وتحت مطر شديد ، يحاصره في مكان مظلم ثلاثة شبان يوسعونه ضربا ويسلبونه ماله ، يبقى بلا حراك تحت المطر ، ويخرج هاتفه يتصل بها ، وتجد نفسها تكسر حاجز خوفها وتهرع اليه وهو ممدد وسط الشارع أمام الفيلا.. توقف احدى السيارات وتنقله الى المستشفى ، حالما يخرج من المستشفى ، يبدأن بعلاقة جميلة قوامها ارستقراطية الفنادق الراقية والمزادات الهائلة والفنادق الفخمة ، وفي احدى الجلسات تقول له انها قرأت له مقالة على الانترنيت بقي مقطع منها عالقا في ذاكرتها والذي يقول فيه (هناك دائما شيء حقيقي مخبوء في كل عمل مزور) فيفلسف لها الامر ، أن الفنان مهما حاول أن يقلد ماليس له ، سيترك شيء حقيقي يخصه في ركن من أركان اللوحة في ضربة فرشاة في تكويرة جسد او حركة اوتعبير) يقرران ترك الفيلا والفنادق والسكن في بيته ، وفي يوم يقودها الى غرفته السرية ، يطلب منها أن تغمض عينيها ويقودها على مهل نحو الغرفة السرية بعد أن يضغط الارقام السرية لبوابتها الحديدية وحالما تصل منتصف الغرفة يطلب منها أن تفتح عينيها ، تفتحهما منبهرة بأجمل اللوحات العالمية واشهرها.. يخبرها أنها اصلية ، وقد واظب طوال حياته على جمعها.. طوال عمري وأنا ابث فيها روحي ، وهي تبث روحها في روحي ، تنبهر حبيبته باللوحات وتنظر اليه نظرة ملؤها الحب والصدق والعرفان وتقول له (حبيبي مهما يحصل بيننا فأرجو أن توقن أني احببتك بصدق) يعانقها ويخرجان من الغرفة ، وفي غمرة جلساتهما يقدم لها كتلوك يظم محتويات القصر ، لكنها تقول له أنها تتمنى أن تعدل عن البيع مادامت قررت العيش معه ، يستحسن الفكرة فيمزق الكتلوك.. وفي غمرة النشوة ، نشوة الحب يقرر أن المزاد القادم سيكون أخر مزاد يديره لكي اتفرغ لك حبيبتي ، يودع اصدقائه بعد انتهاء المزاد ويعود الى البيت وهو يحمل بيده أخر لوحة اقتناها ، يسأل عنها الخادم حينما لم يجدها ، يقول له الخادم ربما هي في الحديقة ، وقبل أن يذهب اليها يقرر أن يودع أخر لوحة حصل عليها في المزاد الاخير.. وتمثل لوحة الراقصة ، حالما يدخل غرفته السرية يفاجأ بخلوها تماما من اللوحات... تم تجريده من اعز واثمن مايملك.. يسقط منهارا وقبل أن يسقط يسمع صوتا صادرا من الروبوت (الشيء الوحيد الباقي في فضاء الغرفة السرية) يردد باستمرار عبارة (هناك دائما شيء حقيقي مخبأ في كل عمل مزور) ، ونراه وهو يجلس على عربة مشلولا.. ينظر الى الافق بشرود.. ويسترجع ماحدث له منذ اكتشافه أختفاء حبيبته بعد أن جردته من أعز مايملك يبدأ باكتشاف الخيوط الواهية التي جمعته بها واشتراكها في مؤامرتها مع الميكانيكي الشاب في سرقة لوحاته. المقاطع الاخيرة من الفيلم كانت تمثل استنتاجات يشترك فيها المشاهد والبطل صورة صورة.. تبدأ في معانقتها أياه وهما في الغرفة السرية وهي تقول له (مهما سيحدث بيننا اني احببتك بصدق) العلاقة بين عبارة (هناك شيء حقيقي مخبوء في كل عمل مزور..) لقد احبته حقا ، وهذا هو الشيء الحقيقي المختبىء وسط المزيف ، لانها كانت مزورة بشكل لايصدق.. فهي لم تكن ابنة احد أصدقائه ولم تكن تمتلك الفيلا التي أستأجرتها هي والميكانيكي من صاحبة الفيلا (الفتاة المشوهة في الحانة) ولم تكن مصابة بمرض رهاب الاماكن المكشوفة وكلما يحاول أن يجبر خطواته للاتجاه نحو المخفر ، يتذكر جمال العلاقة الحميمية التي اقامها مع أول أمرأة احبها بشكل لايصدق.. وفي مشهد سريالي مذهل.. يغادر مدينته ويسكن مدينة بعيدة.. يدخل حانة سريالية كل جدرانها محاطة بمفاصل الساعات والهياكل الكبيرة لمحركات الساعات التي تدور حول رواد الحانة.. حينما يسأله النادل هل أنت وحدك سيدي.. يتردد ثم يجيب.. كلا أني انتظر شخصا سيأتي...