موضوع: التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها السبت يونيو 01, 2013 3:47 am
الكتاب مهم جداً جداً، لأنه إقرار على لسان محققين يهوديين، إسرائيلي وأمريكي، صاحبي خبرة طويلة في التنقيبات الآثارية وعلم الآثار بأن التوراة الحالية ليست كلها كلمة الله، فجاء كتابهما هذا مثير جداً، واستفزازياً جداً لليهود، حيث أثبتا أن التوراة الحالية قد كتبها كهنة يهود في عهد الملك المستقيم (يوشيا) ملك يهوذا في القرن السابع ق.م، فيبدأ كل فصل من فصول الكتاب بعرض الرواية التوراتية، ثم يعقب بذكر ما تقترحه المكتشفات الآثارية، فكانت النتائج التي وصل إليها المؤلفان العلمانيان طعنة نجلاء في صميم المعتقدات اليهودية التقليدية، وتحطيماً، للرموز الدينية التقليدية لليهود. و لعل أهم نقاط الكتاب:
لا تؤيد الأدلة الآثارية رواية الخروج الجماعي من مصر بالشكل والأعداد والطريقة التي تذكرها التوارة العبرية.. لم يقم يشوع بن نون بحملة غزوات موحدة لفتح أرض كنعان.. داود سليمان وجداً تاريخياً، لكن، كانا أقرب إلى رئيسي عشيرة منهما إلى ملكين، كما أن سليمان لم يبن أي هيكل (معبد) هائل.. لم يكن هناك دين يهودي موحد في أغلب تاريخ يهوذا (إسرائيل القديمة).. ليس هناك دليل علمي على الوجود الحقيقي لشخصيات مثل إبراهيم أو إسحق أو يعقوب. إن قوة وإفادة هذا الكتاب هو بطلان الدعاوى الصهيونية في أرض فلسطين استناداً لتواجدهم القديم فيها، أو أنها أرض الميعاد، على لسان اثنين من كبار علمائهم أنفسهم، اللذين أكدا أن فلسطين كانت -وظلت دائماً- مسكونة من عدة شعوب تتالوا عليها كاليبوسيين والكنعانيين، والفلسطينيين، والعماليق، والعرب، وأن الإسرائيليين لم يكونوا إلا مجموعة هامشية فوضوية نمت وسيطرت لفترة قصيرة على منطقة محدودة من المرتفعات والتلال المركزية في فلسطين، في حين كانت بقية فلسطين مسكونة من الكنعانيين والفلسطينيين وغيرهم...
نقدم للقارئ كتاب "التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها" لكاتبيه "د.اسرائيل فلنكشتاين و د. نيل اشر سيلبرمان" وترجمة وتقديم "سعد رستم"، بما فيه من إشكاليات تمتد من المقدمة حتى الخاتمة، على أمل أن يكون مادة للتفكير. ومن قضايا التفكير النظر في مأزق الايدولوجيا الإسلامية مع أساطير التوراة، فالقرآن ثبت في متنه الكثير من هذه الأساطير لتصبح قصصا تأسيسية للتوحيد، ومقدمة ضرورية لوجوده، وهو ما يفسر كيف كانت الايدولوجيا الإسلامية شريكاً في تزييف تاريخ فلسطين. ونجد في مقدمة المترجم الإسلامي ما يشهد على مستوى التشابك بين القرآن والتوراة، وأثر هذا التشابك في تعطيل التفكير العلمي. ففيما يظهر كاتبا البحث عدم صحة عدد من الأساطير التوراتية، ويظهران غياب أثار تدعمها، يجد الكاتب الإسلامي نفسه مدفوعاً لرفض ما ورد في البحث بهذا الصدد لاعتبارات دينية إسلامية. بل أنه يصل إلى أن "عدم وجود أثر مادي على شيء لا يكفي وحده دليلاً على القطع بنفي وجود هذا الشيء" وهو ما يجعل الكاتب متواطئا في الادعاءات الأسطورية اليهودية، من باب الإيمان الإسلامي. وهو التواطؤ الذي يجعل كاتب المقدمة الإسلامي يقبل بالتفسير المخاتل لانكشاف زيف ادعاء نسب قصور كنعانية لـ"ملوك اسرائيل" :" أما القصور التي وجدت في التنقيبات الأثرية، ونسبت إلى سليمان، فهي –بالواقع- لملوك إسرائيل الفسقة المرتدين للوثنية من بيت "عمري". هكذا يمد المترجم يده للموافقة على مخاتلة تسحب ادعاء سابقا بعودة هذه القصور لسليمان نتيجة وجود آثار "وثنية" فيها، لتقدم ادعاء جديدا بأنها تعود لـ"ملوك اسرائيل الفسقة المرتدين" دون أي دليل على صحة الادعاء الجديد.