عرفنا المازني شاعرًا كبيرًا في دواوينه، وأديبًا متميزًا في رواياته وقصصه، وناقدًا بارعًا في مقالاته الأدبية والنقدية والاجتماعية. وها هو يطل علينا من نافذة جديدة، إنها نافذة الترجمة، التي أثبت من خلالها إمساكه بتلابيب النص، وتمكنه من اللغة، وولوجه إلي المعنى بشكل بارع، قل أن نجد له مثيلًا عند غيره. فقد تمكَّن المازني من بناء ذلك الجسر الرابط بين اللغة والفكر والوجدان، وهو الجسر الذي طالما ينشده المترجمون ويسعون إليه. لقد أثبت أنه قدير هذه الصنعة، رغم عدم امتهانه لها. أما عن هذا العمل، الذي وقع اختياره عليه للترجمة، فكان رواية «سانين» من الأدب الروسي، وهي رواية رائعة لروائي روسي قدير يدعى «أرتزيباشيف»، يستوحي فيها فلسفة «ماكس ستيرنر».
ميخائيل أرتزيباشيف (١٨٧٨م– ١٩٢٧م) روائي وكاتب مسرحي روسي كبير، من أنصار المدرسة «الطبيعية» في الأدب. كتب أول أعماله الهامة — قصة «باشا تومانوف» — في عام ١٩٠١، ولكنها مُنعت من النشر حتى عام ١٩٠٥. كان يعتبر روايته «موت إيفان لاند» أفضل أعماله، غير أن أكبر نجاحاته تمثلت بالفعل في رواية «سانين» التي كتبها عام ١٩٠٣م، ولم تنشر إلا في عام ١٩٠٧م بسبب الرقابة. وقد صدمت الرواية قراءه الروس عند نشرها، كما مُنعت في العديد من الدول، وذلك لاستنادها إلى رؤية تحررية تقاوم النزعة المحافظة التي اتسمت بها بعض من المجتمعات آنذاك. اشتُهر أرتزيباشيف بكونه عدواً لدودًا للنظام البلشفي، ومات في وارسو في الثالث من مارس عام ١٩٢٧م.
http://www.mediafire.com/?9o4m7se4fmickod