لا شيء يقف أمام العلم والتكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين، لا سيما في الصرعات الجديدة التي باتت تكنولوجيا المعلومات تقتحمها.
ولعل آخر مجال يبحث فيه العلماء هو الزواج من الروبوت وتبادل عهود الزواج، وفقاً لما ذكره الباحث في ميدان الذكاء الاصطناعي، ديفيد ليفي، الأستاذ في جامعة ماستريخت بهولندا، الذي يبحث في العلاقات بين الإنسان والروبوت، التي تغطي المزايا والممارسات، بما فيها الزواج، بحسب ما صرح به لمجلة "لايف ساينس".
وقال ليفي إن البداية ستكون في مجال ممارسة الجنس مع الروبوت، لكنه أضاف "بمجرد أن تكون لديك حكاية مثل 'مارست الجنس مع روبوت، وكان الأمر رائعاً' في مجلة مثل 'كوزمو'، فإنني أتوقع أن يُقبل العديد من الناس على هذا الأمر."
الحدث من ناحية تاريخية
تعود فكرة الرومانسية بين الإنسان وأعمالنا الفنية و/أو المخلوقات الآلية إلى العصور القديمة، مع الأسطورة اليونانية التي تناولت قصة وقوع النحات "بغماليون" في حب تمثال من العاج كان قد انتهى من نحته وأطلق عليه اسم "غالاتيا"، الذي منحته فينوس الحياة.
واستمرت الفكرة في الأزمنة الحديثة، دون أن يقتصر ذلك على الأدب، وإنما العلماء، الذين لاحظوا قبل 40 عاماً أن الطلاب ينجذبون إلى "إليزا"، وهي برنامج كمبيوتر صمم لطرح أسئلة ومحاكاة الأطباء النفسيين.
وقال ليفي: "ثمة توجه لأن تصبح الروبوتات أكثر شبهاً بالإنسان، وأن تصبح أكثر اتصالاً به."
وأضاف الباحث في الذكاء الاصطناعي قائلاً: "في البداية، كانت الروبوتات تستخدم لأمور غير شخصية، مثل المصانع حيث تساعد في صناعة السيارات؛ ثم في المكاتب لتوزيع البريد أو في المتاحف أو في المنازل للتنظيف، مثل الروبوت رومبا، والآن هناك روبوتات ألعاب مثل الكلب آيبو من شركة سوني، وغيرها."
وفي رسالة الدكتوراه التي قدمها ليفي بعنوان "العلاقات الحميمية مع شركاء اصطناعيين"، قال إن الروبوت "سيصبح أكثر شبهاً بالإنسان من حيث المظهر والوظيفة والشخصية، بحيث يمكن للإنسان أن يقع في حبه وممارسة الجنس معه وحتى الزواج منه."
وأصر ليفي على أن "الحب والجنس مع الروبوت أمر لا يمكن تجنبه."
الجنس خلال 5 أعوام
وجادل ليفي بأن علماء النفس حددوا بصورة أولية الأسباب الرئيسية لوقوع الإنسان في الحب، وكلها تقريباً "يمكن تطبيقها على العلاقة بين الإنسان والروبوت."
وأوضح ليفي بأن من بين هذه الأسباب التوافق في الشخصية والمعرفة، وهي أمور يمكن برمجتها، وكذلك إذا عرف الإنسان أن الطرف الآخر يميل إليه ويبادله الإعجاب، وهو أيضاً أمر قابل للبرمجة.
وكان مؤسس شبكة الأبحاث الروبوتية الأوروبية، هنريك كريستينسن، قد تنبأ في العام 2006 أن الناس يمكنهم ممارسة الجنس مع الروبوت في غضون خمس سنوات، وهو ما يعتقده ليفي أيضاً.
ومع تقدم تكنولوجيا البرمجة والبرامج، وتحول العلاقة بين الإنسان والروبوت إلى علاقة شخصية، فقد ينجم عن ذلك أيضاً الزواج، بحسب ما أشار الباحث ليفي، الذي استشهد بأمثلة تاريخية على أمور كانت مستحيلة وأصبحت مقبولة حالياً، مثل الزواج المختلط بين الأعراق وزواج المثليين.
وقال ليفي: "السؤال ليس إذا كان هذا سيحدث أم لا، وإنما متى سيحدث؟ وأنا مقتنع بأن الجواب سيكون أقرب مما تعتقد."
متى وأين؟
ويتوقع ليفي بأن تكون ماساشوستيس الأولى في تشريع زواج الإنسان من الروبوت، باعتبارها أكثر ليبرالية من غيرها من المناطق في الولايات المتحدة، وأنها كانت الأولى في مجال زواج المثليين، إلى جانب التقدم العلمي فيها والمتمثل في معهد ماساشوستيس للتكنولوجيا.
ورغم أن اختصاص الروبوتات، رونالد آركين، من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أطلنطا، لا يعتقد أن الزواج من الروبوت سيكون مسموحاً به بحلول العام 2050، إلا أنه يقول: "كل شيء ممكن، وإنه ليس لمجرد عدم منحه الشرعية فإن الناس لن يحاولوا ذلك."
أسئلة أخلاقية
يعتبر البعض أن ممارسة الجنس مع الروبوت ستحل معضلة الجرائم الجنسية واللا-أخلاقية، رغم أن آركين يتساءل عما إذا كان المتحرشون بالأطفال يمكن أن يتوقفوا عن ذلك في حال استخدموا روبوتات أطفال لممارسة الجنس معها.
البعض الآخر يعتقد أن الروبوت سيقلل "الدعارة" عند الإنسان وكذلك المشاكل المتعلقة بها.
غير أن آركين يتساءل في هذا المجال عما سيحدث للنسيج الاجتماعي للإنسان في حال تطور العلاقات بين الإنسان والروبوت، وكيفية تغيير ذلك للإنسانية والحضارة، داعياً إلى دراسة هذا الأمر.