ظهر مفهوم البوهيمية للمرة الأولى فى القرن التاسع عشر فى عمل فنى للرومانسى هنرى مورجر "Heneri Murger" حيث وصف فيه تفصيليا حياة الأفراد خاصة الفنانون و الموسيقيون و الشعراء و الأدباء و الذين أعتادوا على العيش على هامش المجتمع بعيدا عن المعتاد حيث يجتمعون فى المقاهى للنقاش و تبادل الأراء السياسية و الثقافية و الفكرية فعادة ما ينظر الى البوهيمى على أنه شخص لا يبالى بالمظاهر الخارجية و لا يأخذ حذره مما يحدث حوله بل يعيش فى جو آخر بعيد عن الواقع حتى يستطيع أن يبدع فى رحلة حياه تتسم بالتأمل فيخلق عالمه الخاص الذى يستمتع به.
تعتبر اوبرا لابوهيم واحدة من أهم الدرامات الموسيقية التى تمثل ظاهرة فريدة كعمل متكامل للموسيقار الرقيق لبوتشينى (1858 - 1924) الذى ولد من أجل المسرح الموسيقى و يظل السبب وراء أختياره لقصة من هذا النوع لغزا لم يتم الأفصاح عنه بعد خاصة بعد نجاح أوبرا "Manon Lescaut" فهل السبب هو البحث عن فكرة جديدة ليأتى بأبطال لم يعتاد عليهم الجمهور بعد أم انها تعكس الفتره التى عاشها بأيطاليا يدرس الموسيقى بالكونسرفتوار بميلان وسط الأجواء البوهيمية فى ذات الوقت. القصة لهنرى مورجر لكن كعادة بوتشينى الا يقتنع بالصيغة الشعرية من أول مرة فدائما ما يغير مجريات الأحداث بأضافة أو حذف البعض و تعتبر لابوهيم من الأوبرات على مر التاريخ الذى أختلفت فيها تماما روح الصيغة الشعرية عن نص القصة الأصلى مما جعل المؤلف الموسيقى و كلا من الشعراء اليكا "Illica" و جياكوزا "Giacosa" و ريكوردى "ٌRicordi" يعملون معا لمدة عامين لأنهاء الصيغة الشعرية بعدما فقد الأمل كثير من الشعراء لأرضاءه و فيما يثير الدهشة بان التأليف الموسيقى لم يتعدى فترة الثمانى أشهر فقط... لا يمكن أنكار حقيقة بأنها الأوبرا الوحيدة التى ترجمت قدر كبير من حياة البؤساء و المساكين الذين يقطنون شوارع باريس فى منظومة موسيقية تسمع فيها ألوان الطيف و ترى أصواتا يملؤها الشجن و كيف لا فبوتشينى يعتبر أعظم مؤلفى موسيقى المشاعر و الجدير بالذكر بأن أول من زوفت دموعة عند موت البطلة عند أول عرض للأوبرا فى فبراير 1896 كان المؤلف الموسيقى نفسه. شخصيا لا أستطيع أخفاء أنفعالى عند سماع أوبرا لابوهيم و أوبرا لاترافيتا. لا أدرى سبب موت معظم بطلات اوبرات بوتشينى مثل تشو تشو فى " Madame Butterfly" و ليو فى "Turandot " و توسكا فى "Tosca" و مانون فى "Manon Lescaut" و ميمى فى "La Boheme"!
الفصل الأول
يجتمع الأصدقاء البوهيميون الشاعر رودولفو "Rodolfo" و الرسام مارشيلو "Marcello" و الموسيقى سشونارد "Schaunard" و الفيلسوف كولين "Colline" معبرين عن سعادتهم بالرغم من حالة الفقر و البؤس التى يعيشونها بباريس وهنا يشكو كلا من رودولفو و مارشيلو من البرد القارس مما يدفعهم للتفكير بالأستغناء عن لوحة أو كرسى لأشعال نار للحصول على بعض التدفئة و فى موقف بطولى يعلن رودولفو بأن الدراما الى كتبها سوف تفيد فى موقف كهذا هنا يظهر كولين و يرتسم على وجهه علامة الفشل بعدما ذهب لرهن كتبه فى مقابل بعض المال... يدخل بعده سشونارد ومعه بعض المال منحة من رجل غنى بعد ما طلب منه بان يعزف على آلته الموسيقية ليتنافس مع ببغاء حتى موت الطائر, وجد سشونارد الحل فى ان يضع السم له. يقرر البوهيميون الأحتفال بالكريسماس فى الحى اللاتينى لكن يظهر السيد بينوا "Benoit" صاحب البناء الذى يعيشون فيه و يطلب الأيجار المتأخر لكنه لا يأخد شئ سوى مزاح و أستهتار به من هؤلاء الشباب ويدعونه للسكر معهم مما يجعله يروى كل قصص غرامياته ثم يدفعونه خارج المنزل متظاهرين بالخجل مما سمعوه من قصصه الرومانسيه... يظل رودولفو وحيدا بعدما تركوه أصدقاءه ليذهبوا الى مقهى موموس "Momus" محاولا أنهاء مقال بدأه لصالح جريدة ما. يدق الباب و تظهر جارته الفتاة الرقيقة ميمى "Mimi" باحثة عن شئ تضئ به شمعتها حيث أطفئتها الرياح فالظلام حالك مما جعلها تتعثر و يسقط مفتاحها يساعدها رودولفو فى أشعال الشمعة و يقدم لها كأس نبيد هنا تنطفأ الشمعة مجددا و يقوم الأثنان بالبحث عن المفتاح المفقود و يتبادلون الحديث... يجد رودولفو المفتاح و يخفى الأمر ليظل مدة أطول مع ميمى بعد ما شعر بشئ نحوها و بالفعل فى الظلام يفصح كلا منهما عن طموحاته و أحلامه وكيفى يعيش. ينادى الأصدقاء رودولفو للذهاب معهم و يدعوها لمرافقته بعدما شعرا كلاهما بميلاد حب جديد.
الفصل الثانى
فى جو يسوده المرح بالحى اللاتينى يحتفل الجميع بأعياد الكريسماس و يسعد الأطفال بالألعاب و أمام مقهى موموس يجلس رودولفو مع ميمى و أصدقاءه لتناول العشاء لكن يبدو على مارشيلو القلق و العصبية عند رؤية حبيبته السابقة موسيتا "Musetta" التى تظهر مع رجل عجوز تبدو عليه ملامح الثراء... لا تكف موسيتا عن النظر الى مارشيلو رغبة منها فى الحديث معه فتجد حيلة للتخلص من صديقها الجديد فتخبره بأنها لا تستطيع أحتمال آلام قدميها بسبب الحذاء وتعطيهم له بغرض البحث عن شخص يمكنه أصلاحهما... فى اللحظة التى يختفى فيها صديقها تسرع لتلتقى بحبيبها السابق سعيدة بالصدفة التى جمعتهما سويا. يتبادل العسكر الحراس الخدمه, و ينهى البوهيمويون عشائهم و يرحلون دون دفع قيمة ما تناولوه تاركين الفاتورة بأسم العجوز الغنى الذى يصل فيما بعد ليجد المفاجأة غير السارة بأنتظاره.
الفصل الثالث
فى جو يسوده البرودة الشديدة و فى مكان موحش بئيس تأتى ميمى فى حالة أعياء باحثا عن مارشيلو لسؤاله ماذا حدث للشاعر رودولفو حبيبها حيث تركها فى حالة صحية سيئة و يخبرها الرسام بان رودولفو يعيش هنا أيضا تفصح ميمى لمارشيلو بأن حبيبها لم يعد يرغبها بل و يبعد عنها بالرغم من حبها الشديد له... يطلب مارشيلو من ميمى الأختباء خلف الأشجار لسماع ما سيقوله رودولفو و بالفعل يظهر بعد قليل و يعلن عن رغبته فى ترك من ميمى بالرغم من حبه الشديد و هذا بسبب أفعالها و أرتيابه فى تصرفاتها خاصة و أنه يراها فى أحلامه تخونه مع غيره لكنه يجد رد فعل سلبى من مارشيلو و هنا يعلن رودولفو بأن ميمى تعانى من مرض لا علاج له... تسمع ميمى ما قاله حبيبها و تنفجر فى البكاء من هول ما سمعت مما يكشف عن مكانها ويسمعها رودولفو الذى يندم بشدة على ما سرده منذ لحظات. من جهة أخرى يسمع مارشيلو ضجيج يأتى من الحانة القريبة و يرى موسيتا خارجة و يتبادل الأثنان الأهانات و الشتائم فى حين يظل رودولفو و ميمى فى صمت ينظر كلا منهم للأخر و كأنهه يكتشفون ملامح بعضهم للمرة الأولى.
الفصل الرابع فى مشهد ينم عن التعازى يجتمع الصديقين رودولفو و مارشيلو ليشد أزر بعضهم البعض من آلام الحب التى مروا بها, لا يستطيعون نسيان من أحبوهم من أعماق القلب هنا يحضر أصدقائهم كولين و سشونارد محاولين الترويح عنهم بسرد الموقف الكوميدى الذى حدث وقت العشاء ليلة خروجهم سويا... يقطع سعادة البوهيمين بظهور موسيتا و التى تعلن عن قدوم ميمى معها فى حالة صحية ميؤس منها لكى تموت بين أصدقائها الجدد و بين يدى الرجل الوحيد الذى دخل حياتها و الذى تركها دون ذنب أقترفته سوى حبها الاحدودى له. تساندها موسيتا لتجلس على السرير و تنهار قوى المسكينه فى حين لا يجد البوهيميون شئ يقدمونه لأسيرة الحب و المرض... تنتفض موسيتا من مكانها و تطلب من مارشيلو لشراء الدواء و أستدعاء الطبيب فأيدى الواهنة ميمى باردة و ليس بها حياة و تحتاج الى قفاز لتدفئتها و يهرع كلا من موسيتا و مارشيلو للبحث عن قفاز و فى محاولة لتقديم المساعدة يقوم كولين الطيب بأحراق معطفه القديم و الوحيد فى محاولة لتدفئة المكان... يتسمر رودولفو مكانه من هول ما يشعر من آلام الحب الذى لم يعطيه حق قدره و يرى امامه مثال الأخلاص و التضحية تحتضر و لا يستطيع عمل شئ ليعلم أخيرا مدى عمق حب ميمى له... يعود الأصدقاء و معهم القفاز للبائسة التى تضعه فى يديها الواهنتين و يتفحص رودولفو وجه ميمى الحزين معتقدا بأنها نامت لكن الحزن العميق الذى يشعر به من حولها يجعله يفهم الحقيقة... أخيرا تركت ميمى الفقر و العذاب و المرض و الحب المستحيل للأبد و يصرخ رودولفو ميمى ... ميمى ... ميمى.