الصراع الأزلى على مدينة القدس يضرب فى عمق التاريخ منذ ألاف السنين حتى وقتنا هذا مما يبرهن على أهمية تلك المدينه للاديان السماويه و يفسر تمسك شعوب تلك المنطقه بها بل والتضحيه بالنفس من أجلها. تقوم قصة الأوبرا على محورين اساسيين. الاول: التمسك بالدين والموت فداء له، فالقصة مستوحاه من قصص العهد القديم (كتاب النبى دانيال) التى تعكس جزءا من التاريخ اليهودى خلال حكم الملك نابوكو الثانى (605 – 562 قبل الميلاد) ملك بابل (العراق حاليا) والذى قام بتدمر معبد سليمان و أسر اليهود وترحيلهم الى بابل لعدة سنوات لإجبارهم على عبادة آلهة بابل، لكن كما حدث لباقى الأديان السماوية الأخرى (المسيحيه و الأسلام) بعد ذلك فى عصوراخرى متعاقبة، رفض العبرانيون اطاعة أوامره مفضلين الموت على خيانة دينهم و تم تحريرهم خلال فترة حكم ملك الفرس سيرو "Ciro".....والمحور الثانى هو الغيرة النسائية التى فى احيان كثيرة ما تشيع الحقد وتنفث ريح الأنتقام فيمن حولها فى سبيل الوصول الى السلطة.....
صاغ القصة شعرا، الشاعران أنيسيه بورجواه "Anicet Bourgeois " و فرانسيس كورنو "Francis Cornu ", التأليف الموسيقى لفيردى الذى يعتبر أول نجاح له فى بداية حياته الفنية وهو فى الثامنة والعشرين من عمره ولقد نصبه الايطاليون بفضل هذا العمل، بطلا قوميا لايطاليا ومصدر بعث والهام للقومية الايطالية، فقد تأججت المشاعر الوطنية لدى الايطاليين واتخذوا مقطوعة Va Pensiero Sull´ali Dorati” " التى تدعو الى التمسك بالوطن، نشيدا وطنيا لهم بالرغم من وجود نشيد آخر ودفعتهم الى الاحتجاج على الأحتلال النمساوى لشمال ايطاليا....وعندما توفى الموسيقى العظيم عام 1904 خرج 30000 ايطالى فى تشييعة مرددين تلك المقطوعه.
الفصل الأول (القدس)
يصلى العبرانيون داخل معبد سليمان خوفا، طالبين حماية الله من الملك نابوكو، ملك بابل والبابليين الذى ينوون الهجوم على القدس. يدخل كبير الكهنة زكريا ممسكا بيده فينينا أبنة الملك و يدعوا الجميع الى الوثوق بأرادة الرب و يتخذ فينينا رهينة ذات قيمة لضمان السلام بينهم و بين البابليين. يأتى أسماعيل أبن أخ ملك العبرانيين حاملا أنباء تقدم الملك وجيشة، هنا يحث زكريا العبرانيين على القتال للرد على الأعداء والدفاع عن المدينة وعن المعبد ، ويترك فينينا تحت مسؤلية اسماعيل دون ان يعلم أنهما يحبان بعضهما سرا. يتذكر أسماعيل كيف حررته فينينا من السجن أثناء عمله كسفير فى بابل ويدرك أن دوره قد أتى لأطلاق سراحها، لكن تعترضهما فرقة من الجنود البابليين الذين نجحوا فى دخول المعبد متخفين فى زى عبرانيين اثناء هروبهما وعلى رأسهم أباجيل التى توهم الجميع انها ابنة الملك نابوكو الكبرى والتى تشارك فينينا حبها لأسماعيل.... و تواجه الحبيبين بعبارات مليئه بالغضب و التهكم ثم تتجه الى أسماعيل لتبوح له بمشاعرها تجاهه و تعرض عليه أنقاذ العبرانيين اذا ما بادلها هذا الحب بالمثل لكنه يرفض متمسكا بحبيبته. يلجأ العبرانيون الى المعبد للاحتماء به، بعد فشل مقاومتهم لجيش بابل الذى يتبعهم بلا هواده.
يصل نابوكو الى المعبد ويهم بدخوله، فينبرى زكريا ويقف امامه على عتبة المعبد و يهدده بقتل أبنته فينينا أذا جرؤ ودنس المعبد المقدس بقدميه. يستسلم الملك خوفا على حياة أبنته و ينزل من على جواده ولكنه يستهزئ ويلقى بكلمات كلها كفر وتقليل من شأن اله العبرانيين، هنالك يفلت زمام زكريا ولا يستطع زكريا ان يكظم غضبه كما تدعو باقى الأديان السماوية بعد سماع كلمات التكفير التى ألقاها نابوكو، فيرفع خنجره ليغمده فى صدر فينينا لكن يتدخل أسماعيل فى الوقت المناسب لينقذها و يقذف بالخنجر بعيدا. عند مشاهدة هذا الموقف يتحول حب أباجيل اليائس لأسماعيل إلى غيرة طاغية وحقد مدمر،فتدعو الى تدمير الشعب العبرانى و أقتلاعه من على وجه الأرض، ويقوم الملك بإصدار أوامره بحرق المعبد بعد نهبه. بينما يلعن زكريا واليهود أسماعيل الذى يعتبرونه خان شعبه لقيامه بتحريرمحبوبته فينينا.
الفصل الثانى: (الشرير و الكافر)
المشهد الأول: فى أحدى أجنحة القصر الملكى تعثر أباجيل على مخطوطه تثبت أصولها أنها كانت أسيره او عبدة وهو عكس ما كانت تزعمه من أنها ابنة ملك بابل، لكن هذا لن يوقف طموحها الى حكم البلاد بل يزيد من حقدها على نابوكو الملك الذى ما زال فى خضم معركته ضد العبرانيين والذى توج أبنته فينينا على العرش من بعده وإبعاد اباجيل عن ساحة المعركة....تحولت اباجيل الى كتلة من الغضب والحقد العارم الذى لا يعرف حدود، وتخلت عن بقية المشاعر الأنسانيه الباقية لديها ونست فى خضم ثورتها وغيرتها اى سماحة أو حب عرفته من قبل. يدخل كبير الكهنه فى حالة هياج و يخبر أباجيل بأن فينينا ستجلس على العرش بعد والدها، فتتحد مع زكريا وتقوم بتحرير العبرانيين و يقوم بمساعدة أتباعة بنشر شائعات عن سقوط الملك نابوكو فى المعركة وعلى اباجيل أن تعتلى العرش فورا لتجنب اى خسائر. وبالطبع تقتنص اباجيل الفرصة وتقبل العرض فى سبيل تحقيق حلمها.
المشهد الثانى: يتقدم زكريا و معه اللاوى (فرد من قبيلة لاوى العبرانية) حاملا ألواح الناموس المقدس مقتربين من غرفة فينينا و يحاول اقناعها باعتناق اليهوديه كديانه داعيا الى الله ان يهديها الى ديانته ومساعدته على اتمام مهمته بنجاح....يجتمع كل اللاويون يلعنون و يسبون أسماعيل بمجرد قدومة لظنهم انه غدر بهم وخانهم.... يدخل الى القاعة الرئيسيه لقصر فينينا, زكريا و أخته أنا التى تعلن على لسان أخيها بان فينينا قد اعتنقت اليهودية. هنا يفاجأ الجميع بعبد الله خادم نابوكو المخلص حاملا خبر موت الملك بناءا على ما اشيع وان أباجيل قد اعتلت العرش و تحاول انتزاع التاج من رأس فينينا. يعم الذعر المكان و يظهر الملك نابوكو و معه الجنود و يضع يده على التاج و يسترده و يعبر عن أزدرائه للاله "بعل" ("أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين" سورة الصافات)، الذى دفع البابليين لخيانته كذلك يزدرى اله العبرانيين ... واخيرا يأمر الجميع بعبادته كأله أوحد للشعبين ويهدد زكريا و العبرانيين بالموت ان لم يخضعوا لإرادته لكن ما ان يلفظ بكلمات " انا الملك, لا احد غيرى, انا الاله" حتى تنزل عليه الصاعقه و يقع التاج من على رأسه و يندفع كالمجنون فى كل مكان باحثا عن صولجان السلطة حتى يجده بين يدى اباجيل.
الفصل الثالث: (النبؤة)
المشهد الأول: حدائق بابل المعلقه (حدائق بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع, التي بناها نبوخذ نصر للملكة أمييهيا التي كانت تتشوق لحدائق وطنها ميديا. بنيت تقريبا 600 ق م). حيث يجتمع البابليون و النبلاء ليعلنوا ولائهم لأباجيل بعد استيلائها على العرش نتيجة أصابة الملك بالجنون ويطلب منها كبير الكهنه إصدار أمر بإعدام فينينا والعبرانيين، لكنها تتظاهر بالرفض عندما يظهر فجأة نابوكو فى ثياب رثة فاقدا توازنه وعقله.... يرحل الجميع و تعطى اباجيل منشور الحكم للملك ليوقعه، يتردد نابوكو أولا ولكنها تسخر منه ومن الحال التى وصل اليها من جبن وتردد، و تجبره على وضع الختم على القرار...يدرك الملك بعد فوات الأوان أنه بتوقيعه هذا قد أصدر حكما بالأعدام على أبنته فينينا فقد أسلمت أباجيل الحكم الى الحراس لتنفيذه. يحاول نابوكو البحث عن الوثيقه التى تبرهن أصلها الوضيع لكن دون جدوى فقد تم تمزيقها من قبل أباجيل أمام أعين الملك المخلوع و تتوج انتصارها باستدعاء الحراس لأسر الملك الذى يتوسل اليها بالصفح عن أبنته فينينا مقابل أعترافه باحقيتها فى عرش بابل، لكن اباجيل لاتلقى بالا لتوسلاته وتستمر فى تنفيذ انتقامها وثأرها.
المشهد الثانى: على ضفاف نهر الفرات تحول العبرانيون الى عبيد على ايدى البابليين واخذوا يعملون وهم مقيدون بالسلاسل، يأخذهم الحنين الى وطنهم و يرثون حالهم. يحاول زكريا شحذ هممه، والقاء الشجاعة فى قلوب شعبه، و يعلن نبؤته بانتهاء عبوديتهم و بتدمير بابل.
الفصل الرابع: (تحطم الأوثان)
المشهد الأول: فى جناح بالقصر الملكى يستيقظ نابوكو فزعا من كابوس, يسمع أصواتا آتية من بعيد لايستطيع تمييزها ففكره مشوش ولا يدرك أين هو أو ماذا يحدث حوله...ينادى الجنود و يأمر بأحضار حصانه لكنه يرى ابنته مقيدة بالسلاسل فى طريقها الى الأعدام و يدرك حقيقة وجوده كأسير فى قصره. يصلى الى الله رب العبرانيين طالبا الصفح ويعد بإعادة بناء المعبد....يجد عزاء فى ايمانه الجديد و يشفى عقله من التشوش الذى أصابه. وفيما يحاول فتح احد الأبواب الموصدة، يدخل عبد الله الخادم ومعه بعض المخلصين له ويسارعون باقتياده لأنقاذ فينينا و معاقبة الخائنين.
المشهد الثانى: أمام الحدائق المعلقة تحضر فينينا والعبرانيين المدانيين الى ساحة تنفيذ الحكم بالأعدام فى موكب جنائزى لمواجهة مصيرها المحتوم....يصل نابوكو و جنوده لأنقاذهم من الأعدام و يصدر اوامره بتحطيم تمثال الأله "بعل" لكن ما ان يشرعوا بالعمل حتى يقع التمثال من تلقاء نفسه و ينكسر الى أجزاء. يحرر الملك العبرانيين ليعودوا الى ديارهم و يدعوا الحاضرين وهو معهم الى السجود لله.....تحضر اباجيل و معها جنديين وقد تناولت السم وهى على شفا الموت تلتمس الصفح والمغفرة من فينينا أمام أسماعيل وتطلب من نابوكو وتتوسل اليه ان يبارك الحبيبين.... تموت أباجيل وهى تتوسل الى الله ان يسامحها…..