عبير الروح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبير الروح

فى الغابة، تتخاصم الأشجار بأغصانها، لكنها تتعانق بجذورها
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مضى عهد النوم في الرماد كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
tousman

tousman


عدد المساهمات : 650
تاريخ التسجيل : 08/05/2011

مضى عهد النوم في الرماد  كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟ Empty
مُساهمةموضوع: مضى عهد النوم في الرماد كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟   مضى عهد النوم في الرماد  كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟ Emptyالإثنين مايو 23, 2011 3:51 am

مضى عهد النوم في الرماد  كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟ Arton9779

سندريلا والجميلة النائمة، كلتا الحكايتين والأميرتين، تغيرتا منذ أن عبرتا خلال التقاليد الشفاهية.

المجتمع، وخاصة النساء، غالباً ما صغن هذه التغيرات من خلال تأثرهن بوجهة نظر الكاتب بالنسبة إلى دور النساء، وبتشجيع من الكاتب نفسه للقيام بتطوير الحكايات التي ستُلقى على مسامع مستمعيه / ها. لقد قمت بتحليل أربع حكايات عن الأميرتين هن الأكثر شهرة، من تشارلز بيرو إلى الأخوين غريم، أفلام ديزني في الخمسينيات، والحركة النسوية في الأربعين سنة الماضية، وقمت بتحليل تاريخ مناطقهما لأمضي أبعد في استكشاف كيف عكست أحوال الأميرتين مجتمعيهما.

بدأت مع بيرو بإلقاء نظرة متعمقة على الانتقال من الشفاهية إلى التقاليد الكتابية وعلى الدور البارز لنساء ذاك العصر في هذا الانتقال. كما توضح طبعة بيرو من الحكايتين تأثير المجتمع الراقي. أما طبعة الأخوين غريم فهي تؤكد التقاليد الشفاهية وتؤكد أهمية الدين وعامة الناس في المجتمع الألماني. والت ديزني، ومع أنه لم يكتب الحكايتين، إلا أنه أخرج الأفلام التي قادت إلى عدد كبير من الكتابات التمثيلية حول شخصيتي سندريلا والجميلة النائمة اللتين صارتا بمثابة أيقونة مؤثرة. كان للحركة النسوية تأثير كبير بسبب العديد من الكتاب، ولكني آثرت التركيز على كتاب آن سكستون "تحولات" حتى أستجلي تطور الأميرة غير الناضجة ودمج الفردانية عن طريق استخدام الشخص السارد الأول.

كان ياما كان، كانت هناك أميرتان هما التعبير الأمثل عن المجتمع الذي نشأتا فيه. ومع تقدمهما في العمر تحولتا إلى أبسط أشكال الكمال وحظيتا بالانتباه الذي شكلته هذه الحالة. عندما وصلتا إلى سن البلوغ دخلتا المقاومة النمطية ضد توقعات المجتمع، وهما تتابعان اختبار الحدود التي وضعت أمامهما. المجتمع، وخاصة النساء، شكلن نضوج سندريلا والجميلة النائمة من خلال تأثير التفسير وتقديم حكايتهما وأيضاً عن الأميرتين نفسيهما.

إن حركة النساء الفرنسيات الارستوقراطيات، وحتى يميزن أنفسهن كمثقفات في المجتمع أعلنَّ بشكل غير مباشر، الولادة لكتابة سندريلا والجميلة النائمة في القرن السابع عشر. وحتى ذلك الوقت، فقد عَبَرت حكايا الجنيات (fairy tale) ببطء من خلال التقاليد الشفاهية بين عموم الناس ولم تلقَ التقدير لدى المتعلمين. النساء الأرستوقراطيات بدأن التحول في الحكايات بابتكار ألعاب ترفيهية تعتمد على الحكايا الفولكلورية. وسوف يلتقين في الصالونات الأدبية وتتغير الواحدة تلو الأخرى لتطوير حبكة الحكايات الفولوكلورية إلى سرديات أكثر إخضاعاً (Zipes, When Dreams 32). تشارلز بيرو هو من أكثر كتَّاب سندريلا والجميلة النائمة تميزاًَ، تردد على هذه الصالونات الأدبية وبدا من السهل رؤية تأثير التسالي والمجتمع على مَروياته.

إن صوت نساء الصالونات الأدبية يكشف عن نفسه في حكايات بيرو. رغم أنه كتب من خلال وجهة نظر ذكورية تضع الأمراء في وضع قوة متأرجحة، فقد ترَّكزَ التوازن بين الجندر النمطي للعصر مع وجهة نظره الأخلاقية تجاه النساء (Zipes, When Dreams 36). وقدم أميراته بصفات هؤلاء النساء على أمل أن يكن كذلك فعلاً، جراء تكريمهن من قبل المجتمع كدليل على الكمال.

في حكاية الجميلة النائمة، قدمت الجنيات هباتهن وفقاً لذلك: الكبرى، وعدت بأن تجعلها الفتاة الأكثر جمالاً في العالم؛ الجنية الأخرى، ستمنحها عقل ملاك، الثالثة، كل دقيقة تمضيها ستكون مليئة بالامتنان؛ الرابعة، ستجعلها مثالية في الرقص؛ الخامسة، ستجعلها تغني كالعندليب؛ السادسة، ستعلمها العزف على أي آلة موسيقية بأفضل ما يمكن" (4 Perrault). غالبية هذه الميزات تعبر ببساطة عن سمات امرأة "مهذبة" سوف تأسر الموجودين بجمالها [في الصالون الأدبي] وغرفة التسالي والترفيه، ولكن يجب أن نولي انتباهاً خاصاً إلى الجنية الثانية التي منحتها "عقل ملاك". هذه العبارة تعكس تأثير نساء الطبقة الراقية وهدفهن في جعل المجتمع يميز النساء (خاصة من الطبقات الارستقراطية) كنساء مثقفات. رغم أن بيرو يعجب بالسمات المقبولة "الكاملة" لامرأة، هو أيضاً يُثمِّن حضورها على صعيد العقل بنفس القدر. دلالة كلمة "ملاك" تشير إلى أن الجميلة النائمة هي مزيج من "مستوى عالٍ" للفكرة، وأيضاً ربما من الحذر والحرص.

في سندريلا، يُستشهد على تأثير النساء من خلال السمات التي يجب أن تكون عليها الأميرة. ليس فقط أن تكون كاملة بكل الطرق التي يتوقعها المجتمع "أكثر جمالاً من أختيها بمئات المرات" و"أيضاً طيبتها غير المحدودة وطلاوة مزاجها" ((Perrault, “Cinderella” 16 ولكنها أيضاً تظهر خصائص البراعة والدهاء. عندما كانت عرابتها الجنية تجهز العربة شعرت "بالحاجة إلى سائق للعربة" فاقترحت سندريلا بدهاء "سأذهب لأرى إن كان هناك جرذ ما في المصيدة – يمكننا أن نصنع منه سائق العربة" (Perrault, “Cinderella” 18). أكثر من ذلك في القصة، فبعد أن أحضرت سندريلا الكرة الأولى احتالت على أختها بمكر عندما طلبت منها أن تعيرها الفستان، الطلب الذي قوبل بالرفض الفوري. سندريلا "توقعت تماماً هذا الجواب، وكانت سعيدة جداً بالرفض" (Perrault, “Cinderella” 20). هذا دليل على أن نساء الطبقة الراقية من المجتمع الفرنسي قد أثرن على بيرو أن يُضَمِّن حكاياته إشارات غير شعبية تدعم أفكارهن الثمينة. هؤلاء النسوة ساهمن في تطوير حكايا الجنيات المكتوبة لغايات أدبية، تعليمية، والطبقة العليا المستنيرة.

وجد العديد من عناصر المجتمع الراقي طريقها إلى سندريلا والجميلة النائمة لأن بيرو أراد لقصصه أن تدل على "أخلاقيات وأعراف الطبقة الراقية" (Zipes, When Dreams 36).

وهذا ما يفسر خلفيات الحكايات الفولكلورية المعروفة – حكايات تنطلق من تقليد شفاهي أساسي، وترحل عبر الطبقة العليا للمجتمع حيث بدَّل بيرو هذه الخلفيات لتصبح أكثر ملائمة وأكثر (إسعاداً) لمعاصريه. لقد كتب حكاياته من خارج الرؤية الطوباوية للطبقة الراقية التي، في نفس الوقت، "لم يكن لديها فردوس ساحر في بلاط لويس الرابع عشر، ما من حب أصيل، أو مصالحة، أو نعومة في العواطف" ( Zipes, When Dreams 43). لقد ألغى المكائد وأبقى في حكاياته على المكونات المثالية الأساسية للمجتمع الراقي: الثروة، الجمال والكمال.

يتم التركيز على توصيف هذه العناصر أكثر من تطور الشخصيات الفعلية. في حكاية الجميلة النائمة يأمر الملك "بأن تُحمَل الأميرة إلى غرفة جميلة من غرف القصر وتوضع على السرير المزين بالفضة والذهب" (Prerrault 6). صورة الثروة والجمال في خلفية وتوصيفات الأفعال، مكتوبة بكثير من التفصيل، ولكن عواطف الشخصيات وذواتها تترك للتأويل من خلال أفعالها. الثروة والجمال كانا أمرين هامين جداً في هذا العصر الذي لم تقترب فيه سندريلا من الأمير بثيابها القذرة وأسمالها البالية، بل اقتربت وهي مرتدية ثياباً رائعة وجميلة. الرؤية الطوباوية تشرح أيضاً الحب غير الواقعي للأمير من النظرة الأولى بسبب "إشعاع الجميلة النائمة التي يبدو بالكاد أنها تنتمي إلى هذا العالم" (Prerrault 6). حكايات الجنيات لدى بيرو تقدم عالماً سحرياً، غير واقعي راقَ لمستمعيه وقتها.

بعد وفاة بيرو في العام 1703 بدأت التسالي والصالونات الأدبية تختفي من المشهد. غاب تأثير نساء الطبقة الراقية معهن، وعادت الحكايات أدراجها لتجد طريقها من الطبقة الراقية إلى عامة الناس. حكايات بيرو رويت من جديد من قبل باعة الكتب الجوالين وأعيد تقديمها إلى العامة وإلى تقاليدهم الشفاهية ( 47 Zipes, When Dreams)، وقد أضيفت لها العناصر التي تعبر عن لمسات بيرو الشخصية. هذه العناصر انتقلت، وبعضها ربما انتشر في ألمانيا، حيث ستحدث وقائع الحكايتين الرئيسيتين للأميرتين.

بدأ جاكوب وويلهالم غريم بجمع مجموعتهما من حكايا الجنيات بعد ما يقارب المائة عام من وفاة بيرو، في بداية القرن التاسع عشر. لم يبدأا بجمعها، كما يشاع، مباشرة من عامة الناس، بل من نساء الطبقة الوسطى المتعلمات اللواتي سمعنها من مربياتهن وخادماتهن . . الخ (69 Zipes, When Dreams). من المحتمل أن نسخة الأخوين غريم من سندريلا والجميلة النائمة ذات أصول فرنسية، لأن واحداً من مصادرهما كان عائلة أسلافها فرنسيون وما زالت تتحدث بالفرنسية في المنزل (70 Zipes, When Dreams). وهذا ما يفسر خط الحبكة المتشابهة وربما انتقال الأميرتين بين البلدان. الاختلاف الرئيسي الوحيد هو أن حكاية الجميلة النائمة تنتهي بزواج الأمير والأميرة، مع أنها في نسخة بيرو تتوسع في ذلك حتى تصل إلى ولادة أطفالهم، كحبكة ثانية في الحكاية. من الممكن أن هذا التوسع أضيف من قبل الطبقة الأرستقراطية ولم يتم انتقاله عبر التقاليد الشفاهية. مصدر حكايات الأخوين غريم مشابه لمصدر بيرو لجهة أنهم استمعوا للحكايات على لسان أعضاء من طبقة المجتمع الراقي، ولكنها تختلف بشكل كبير في مسألة واحدة هي – أن هؤلاء النسوة لم يحاولن بأي حال من الأحوال، أن يغيرن أو "يطورن" النسخة التي تم تناقلها عبر التقاليد الشفاهية. للوهلة الأولى تبدو خطوط الحبكة متشابهة، ولكن نسختي بيرو والأخوين غريم من سندريلا والجميلة النائمة مختلفتين من ناحية الأسلوب الذي كُتبتا به، وأيضاً من ناحية تأكيد السمات الشخصية للأميرتين. سعى الأخوان غريم إلى ترسيخ التقاليد الشفهية العامة عندما سجلا الحكايات في الوقت الذي عمدا فيه إلى دمجها بالمعتقدات الاجتماعية بغرض تسويق حكاياتهما بنجاح أكبر.

"مأثرتهما هي في الاحتفاظ بالعذوبة، الوضوح، واللغة البسيطة للتقاليد الشفاهية" Zipes, Brothers Grimm 103)) فابتكرا صوتاً مفعماً بذكريات الراوي. العنصر السائد في سندريلا هو الإعادة والتكرار، وهو غالباً ما يستخدم في الطبعات الحكايات الشفاهية. عندما يُطلب من سندريلا أن تُنَّقي حبات العدس من الرماد، تنادي العصافير لمساعدتها بنفس الإيقاع في كل مرة "أيتها الحمائم الأليفة، أيتها اليمامات وأنت جميعاً أيتها الطيور تحت قبة السماء، تعالي وساعديني لالتقاط حبات العدس الجيدة ووضعها في القدر، وغير الصالحة لوضعها في المحصول" (Grimm 122). هذه النسخة تتضمن أيضاً تكراراً لكلمات تولد أثراً جيداً بصوتٍ عالٍ، ولكنه نادراً ما يستخدم في الأعمال المكتوبة. على سبيل المثال، "مالت بعض الحمائم برأسها وبدأت بالتقاط الحبوب بيك، بيك، بيك، بيك، وثم تابعت البقية بيك، بيك، بيك، بيك، بيك، فجمعوا كل العدس الصالح في الصحن" (Grimm 123). شفاهياً فإن تكرار الكلمة "بيك" يؤكد على العمل.

إضافة إلى العناصر النموذجية للتقاليد الشفاهية، أضاف الأخوين غريم تفاصيل من الحياة العادية والتي تؤكد فكرة أن حكاياتهما كانت بعيدة تماماً عن حكايات بيرو ب"رؤيتها الطوباوية" وأن شخصياتهما كانت بشرية بشكل فعلي. في الجميلة النائمة وخزت الأميرة إصبعها لأنها أخذت "المغزل وأرادت أن تحيك" (Grimm 238). على خلاف أميرة بيرو التي وخزت إصبعها وهي في حالة طيش، فإن أميرة غريم غطت في نومها الطويل جراء حالة الفضول لديها، الأمر الذي لا يعكس فقط حالة عدم الكمال ولكن يعكس أيضاً توقداً في الذكاء. وكذلك تتضمن نسخة غريم "نقص الكمال" في مظاهر الحياة: "الحمائم على الرف"، "تطير على الجدار" وحتى "الطباخ الذي كان لتوه قد سحب الولد الطائش من شعره" (Grimm 238).

في الحكاية تهرب سندريلا من الحفلة كل ليلة ليس لأنه طُلب منها ذلك أو لأن ملابسها ستختفي، ولكن لأنها تريد العودة إلى المنزل. وعندما يطاردها الأمير تفر منه بمكر في أول ليلتين بالقفز السريع نزولاً من خلف برج الحمام" (Grimm 124). و"نزولاً من الطرف الآخر للشجرة" (Grimm 125). في الليلة الثالثة يظهر الاختلاف الكبير بين نسختي بيرو وغريم – عقدة الحبكة ليست من قبيل المصادفة أو السحر، ولكن من خلال منطق الشخصيات. الأمير " قام بخدعة، عندما أمر بطلاء الدرج بمادة القار، وعندما ركضت نازلة الدرج، علقت فردة حذائها اليسرى" (Grimm 126). أمير غريم كان أقل سلبية، والدليل هو "الخدعة" وكذلك إصراره على إيجاد سندريلا بنفسه بدلاً من أن "يرسل أحداً من البلاط" (Perrault, “Cinderella” 21). إصرار الطبقة العليا على اللباس والثروة ما زال بارزاً في هذه الحكاية، ولكن أقل أهمية، لجهة أن الأمير يرى ويميز سندريلا الجميلة بأسمالها البالية ومع ذلك يقرر أخذها معه (Grimm 127).

خاصية "نقص الكمال" الأكثر أهمية لدى سندريلا الأخوين غريم هي انتقامها من أختيها غير الشقيقتين القاسيتين. سندريلا في نسخة بيرو تسامح أختيها "بإسكانهما في القصر" وتزوجهما "إلى نبيلين مرموقين من البلاط" (Perrault, “Cinderella” 21)، بينما في نسخة غريم تقوم الحمائم المخلصة لسندريلا ب"اقتلاع عين واحدة لكل واحدة من الأختين" في الطريق إلى الكنيسة "ويتم اقتلاع العين الأخرى لهما" وهما في طريقهما إلى الخارج عقوبة على "شرورهما وكذبهما" (Grimm 128). هذا أمر مثير للفضول بسبب "الجرعة الثقيلة العيار من الأخلاق المسيحية [و] أخلاقيات العمل البروتستاني" Zipes, When Dreams 79)) التي قدماها في الحكايات لتتماشى مع الاعتقادات السائدة لدى الناس في مجتمعهم، ما يزيد من بيع الحكايات. الانتقام ليس مُصَادقاً عليه تماماً في هذه المعتقدات، ولكن بسبب أن واقعة هذا الانتقام الغريب لم يكن من عمل سندريلا، يمكن أن يقال أنها عقاب من الله تجاه آثام الأختين غير الشقيقتين، من خيلاء، طمع، وكسل. وهذا من خلال طلبات البنات الثلاثة لأبيهن، فالأختان غير الشقيقتان رغبتا ب"ثياب جميلة، لآلئ، ومجوهرات" ولكن سندريلا رغبت فقط ب"أول غصن يصطدم بقبعته وهو في طريق عودته إلى المنزل" (Grimm 122)، حيث اعتادت أن تزرع شجرة على قبر أمها.

كلمات أم سندريلا وهي تحتضر تضفي الطابع الديني على الحكاية منذ السطر الأول "طفلتي، كوني طيبة وتقية، والله سيرعاك دائماً . . " (Grimm 121). "رعاية الله" المذكورة هنا يبدو أنها تحل محل السحر في سندريلا الأخوين غريم، بالاستغناء عن العصا والجنيات العرابات، وتُحِل مكانهم الصلوات والمكافآت لقاء السلوك "الطيب، والورع". تلقت سندريلا ثيابها من الطيور على شجرة البندق الموجودة بجانب قبر أمه، حيث ذهبت ثلاث مرات في أحد الأيام و"بكت وصلَّت" (Grimm 122).

هذه المسحة الدينية كانت فقط جزءً من السبب الذي جعل حكايات الأخوين غريم تروق للمجتمع في عصرهما. جسدت هذه الحكايات الحياة اليومية، وكذلك حياة الطبقة الراقية التي يرغبها الناس، في حين تُقدَم رسائلهما في أسلوب مبسط من السهل فهمه محافظاً على التقاليد الشفاهية. النساء كان لهن تأثير محدد على هذه الحكايات لأنهن كن من نقلنها إلى الأخوين غريم، اللذين نقلاها بدورهما من بلد إلى آخر، ومن طبقة إلى طبقة، وهما اللذان أكدا أنه رغم أن الأميرتين كانتا جميلتين و"حسنتي السلوك"، أيضاً ما زالتا حكيمتين ولديهما القدرة على الفعل بشكل ذاتي.

إن حكمة، استقلالية وإنسانية سندريلا والجميلة النائمة لم يُهْتَم بها في الطبعات الشعبية الرائجة، والتي بدلاً من أن تصل إلى أكثر أشكال الكمال بساطة، صيغت لتناسب الصياغة الجديدة المطورة والمستحدثة "للأميرة الجميلة الكاملة". هذه الصياغة خلقت مباشرة خارج توق المجتمع للبساطة، للتسالي الخفيفة الظل، التي خدمت كإلهاء عن عصر أوقات الفراغ في الخمسينيات التي تلت الحرب العالمية الثانية. مع أن والت ديزني لم يكتب سندريلا والجميلة النائمة بحس تقليدي، بالاعتماد على نسخة بيرو (ويمكن أيضاً بالاعتماد على نسخة الأخوين غريم أيضاً، مع أن هذا لم يُسجَّل) بل هو خلق صورة للأميرتين جعلتهما شخصيات محبوبة جداً وتحظى بكثير من الشعبية وتحتقر الشخصيات الكاريكاتورية للنساء اللواتي كن عليها سابقاً.

ديزني ابتكر ميزات متحركة لهذه الحكايات الكلاسيكية في 1950، مع نجاح سندريلا الساحق، وفي العام 1959، مع الجميلة النائمة الأقل انتشاراً. وحتى يبتكر "الطيبين جداً والأشرار جداً (Greene 147) التي يريدها مشاهدو ديزني، فقد أزال أي عقبة يمكن أن تسبب التشويش أمام ظهور الشخصيات. سندريلا والجميلة النائمة أصبحتا نموذج الفتاتين الشقراوتين الكلاسيكيتين اللتان ارتبطتا الآن بسهولة بالعيون الزرقاء، والخصور النحيلة، والصدور العارمة والأقدام الصغيرة جداً. بشكل مسبق، حدد القراء الشخصيات الطيبة والسيئة تبعاً لأفعالها، فبالنسبة للأختين غير الشقيقتين عند غريم فقد كانتا "جميلتي الوجه، ولكنهما شريرتان وسوداوتي القلب" (Grimm 121),. ولكن في نسخة ديزني كانت الأختان بلا حنك ولا صدر أنثوي مع أنف طويل وشعر غامق أو أحمر. كل شيء صار مادياً وبسيطاً. الجميلة النائمة صارت "عذراء في السادسة عشرة من عمرها بشعر ذهبي جميل وشفتين حمرواين بلون الورد" (Hapka 20) من دون أي مسحة من الذكاء من الجنيات الزائرات. سندريلا صارت مفارقة، عندما أصبحت (cinder free)(1) فقد نُظِّفت بالكامل عبر الفيلم.

ارتبطت البساطة الجسدية لسندريلا والجميلة النائمة فقط بشخصية ذات بعد واحد. إبداع وذكاء أميرتي بيرو والأخوين غريم يختفي ليحل محله حكايات غير واقعية ل"رغبات تصبح واقعية مهملة" (Yolen, ’America’s Cinderella’ 303). الجميلة النائمة في نسخة ديزني، تلتقي الأميرة بأميرها في الغابة، حيث يقعان في الحب مع تجاهل واقعة أنهما كانا خاطبين وقلقين من أنها كانت "عامية" جداً بالنسبة له. عندها تخز إصبعها، ليس من قبيل الفضول، ولكن بسبب "انعدام القوة في مواجهة سحر الجنية الشريرة، فعلى الأميرة أن تطيع . . ." (Hapka 43). أيضاً فإن أميرة ديزني لم يكن عليها أن تنام لمائة عام، ولكن بانتظار أن يظهر الحل الرومانسي "من هذا النوم ستستيقظين عندما تنالين قبلة حقيقية مفعمة بالحب تكسر السحر" (Hapka 13). هذا الأمر ترك الجميلة النائمة تعتمد على أميرها، رغم أنه في نسخة ديزني كان عليه أن يقوم بعدة مهام مختلفة أكسبته صفة "الشجاع"، في حين أنه في نسخة غريم لم يكن لديه حتى أشواك لتعيده "ولم تكن سوى أزهار جميلة وكبيرة قطفت طوعاً وجعلته يمر دون أذى" (Grimm 240).

سندريلا ديزني تتبع حبكة مشابهة كثيراً لحبكة بيرو، بتصرف أقل في الحكاية مما لدى الجميلة النائمة. (الجزء الوحيد الذي يشير إلى أن ديزني يمكن أن يكون قد اقتبس أفكاراً من نسخة الأخوين غريم هو إدراج دور الحيوانات كأصدقاء سندريلا وهم بطرق عديدة، يعتنون بها) سندريلا ديزني كانت على أي حال، تعتبر أكثر سلبية، مما كانت الجميلة النائمة التي اعتمدت على الآخرين لإنقاذها. عوضاً عن تقديم سندريلا الأفكار لعرابتها الجنية كما فعلت في حكاية بيرو، أو حتى طلب المساعدة عن طريق البكاء كما فعلت لدى الأخوين غريم فإن سندريلا ديزني تندب "لا فائدة، لا شيء سيفيد" (Cohen 30). وبقيت جميلة، طاهرة، مطيعة ورزينة عبر الحكاية ولم تبحث عن أي نوع من الثأر ضد عائلة خالتها. بشكل مثير للانتباه، إن سندريلا ديزني التي لا تسامح ولا تعاقب، وهذه السمة ليست في نسخة بيرو ولا في نسخة الأخوين غريم، تعزز فكرة أن أميركا في فترة الخمسينيات تريد "تسلية مفيدة" ولكن ليس بالضرورة إلى درجة منح الرحمة لمن تصرفوا بوحشية.

ما من شك في عبقرية والت ديزني التي ساهمت في تطوير هاتين الأميرتين والتوسع في تراثهما، ولكن ابتكار نماذج الكمال وتأثيرات هذا الابتكار مضت، ربما، حتى إلى أكثر مما تخيله ديزني. إن شخصياته وشركته صارتا كيانين منفصلتين تماماً، كما اعترف هو بنفسه "أنا لست والت ديزني بعد" (Green 163). في عام 1962 شاهد ديزني فيلم (To kill a Mockingbird) وقال بعده "أرغب بشدة بعمل فيلم مشابه له" ولكنه كان واثقاً أن "رواد السينما الأميركيون لن يصطفوا لأجله" (Green 147). دفع المجتمع الأمريكي ديزني ليبتكر شخصية الأميرات ذوات الشعر الأشقر والعيون الزرقاء التي سرعان ما لاقت القبول على مدى سنوات عديدة، ولكن نفس المجتمع الذي تاق إلى هذا النوع من "الكمال"، قد أدانه واقعياً.

إن إعادة إحياء النسخة الأصلية من ديزني التي أثرت في أفكار كل واحدة [… من] البطلات المنحوسات" (Warner 207) انتشرت عبر الطيف الأدبي وتمت إعادة كتابة سندريلا والجميلة النائمة بتأكيدات نسوية مختلفة بشكل كامل. هذه الحركة (النسوية) ابتكرت واحدة من أهم النقلات في حكايا الجنيات؛ تطور الفرد ووظيفة السارد الأول. انتقل الكتَّاب من الكتابة ضمن رؤية طوباوية حول كيف أَمِلوا من المجتمع، إلى الكتابة عن إحباطهم من المجتمع الحالي ومن رسالة الحكايات الأصلية. العديد من الكاتبات النسويات توقعن أن القراء يعرفون سندريلا والجميلة النائمة، وهنا فجأة يُشَوِّشن هذا التوقع ليتحولن إلى الجنسية (sexism) التي لم تكن متجذرة داخلها (Zipes, When Dreams 24). هذه النسخات الجديدة تستكشف الجندر من خلال القلب إلى الضد ومساءلة الأكثر تقليدية ومن خلال تأكيد الصوت النسوي.

كتاب آن سكستون الشعري "تحولات" (Transformations) يعيد حكايات الأخوين غريم، مشدداً على أهمية السارد الأول [المتكلم] في خلق، أو تعمُّد عدم خلق، صوت يعبر عن شخصية الأميرة. في نسختها من سندريلا، تحافظ سكستون على المسافة، السارد الثالث [الغائب]، لأنها تعزز رسالة الشعر؛ سندريلا، البطلة الهادئة، المحلية، المطيعة أصبحت بلا عقل، دمية مملة (Hall 111)، وهي عاجزة عن امتلاك صوتها الخاص. حكاية سندريلا توصف كعبث، كحكاية (diapers to Dior) (Sexton 53) والتي هي غير واقعية أبداً لا يمكن أن تحكى دون نبرة سخرية. سندريلا والأمير، يقولون، عاشا بسعادة كدميتين في متحف [. . . ] ابتساماتهما العذبة مرسومة على وجهيهما إلى الأبد" (Sexton 56). وظيفة وجهة نظر السارد الأول تعكس أهمية الفردانية، وترى سكستون أن سندريلا تفتقد الوحدة أو حتى الصفات البشرية، فهي لا تستحق هذا الصوت برأيها. وهذا الأمر يظهر نقلة دلالية على صعيد قيم المجتمع، من تثمين "المسحات الأنثوية" في عصر بيرو إلى تثمين الفردانية والاستقلالية في العصر الحديث.

قصيدة "الوردة البرية" لسكستون، على أية حال، تحفر عميقاً في نفسية الأميرة لتلامس العتمة والأسرار المخفية فتؤنسن الجميلة النائمة وتزيل الغموض عنها. صوت المتكلم "مثابر وكلي الوجود" (Hall 99)، ومع أن معظم القصيدة كتبت بصوت الشخص الثالث، إلا أن الشخص الأول يصرخ عبر النهاية، مصراً أن هناك ما هو أبعد في هذه الحكاية. سكتسون تقترح في تأويلها أن الجميلة النائمة تعرضت للانتهاك الجنسي من قبل أبيها، وأن "نومها" مضى لأكثر من مائة عام وقاد إلى حياة مضطربة لامرأة أَرِقة. القصيدة مليئة بأسلوب يشي بعلاقة جنسية إكراهية: "خذني على حين غرة" و"هذه الفتاة النشوانة، لكَ لتمارس معها" (sexton 111). المستوى الأعمق من الفهم الذي يحيط بالجميلة النائمة يأتي من نضوجها كامرأة وكفرد، ويجد تعبيره من خلال وظيفة السارد الأول.

عندما قدمت سكستون هذه القصائد في عام 1970، امتنع الناشر عن قبولها، ولكن "تحولات" باع فعلياً نسخاً أكثر من أي كتاب آخر. يبدو أن المجتمع كان مستعداً للحكايات الواقعية، وليقبل أن الحياة ليست كاملة وأن حكايات الجنيات لا يجب أن تقدمها دائماً على أنها كاملة، وأن الأميرات، أخيراً، يستحقين أن يروين حكاياتهن الخاصة.

آن سكستون كانت من أوائل الذين حولوا حكايات، سندريلا، والجميلة النائمة، التقليدية ولكن العديد من الكاتبات النسويات تابعن في توسيع حكايات أميرتينا الشهيرتين. "كتاب جين يالونز "شجرة الخلنج" ويروي حكاية الجميلة النائمة من خلال بحث حفيدتها عن حقيقة ماضيها وعن الهولوكست. كتاب جيل كارسون ليفينز "إيللا المسحورة" يركز على فكرة أن سندريلا كانت مطيعة بالفطرة وجعلت من هذه "السمة" اللعنة التي أنفقت إيللا بقية الرواية في الصراع ضدها. المؤلفة لي تانيث في كتابها "عندما تدق الساعات"، تلعب مع توقعات القارئ بالنسبة لحكاية سندريلا التقليدية من خلال خلق امرأة تستخدم بمكر جمالها لتحوز السلطة على الرجال، هذه "السندريلا" فقط، ذات مقاصد شريرة. وهي أيضاً توجه نقداً لاذعاً للمجتمع – فحين أخفت سندريلا جمالها عن قصد، نسيها الجميع ببطء. حتى شركة ديزني أقرت بالتغيرات في المجتمع من خلال نشر كتاب عن سندريلا عنوانه "قصتي من الحكاية" (My side of the story) والذي يستجيب مباشرة لقضايا المجتمع الحديث التي واجهت نسخة ديزني الأصلية. الكتاب كتب من وجهة نظر الشخص الأول، وسندريلا لم تصادر الفرص الأخرى لتصبح أميرة ولكن عوضاً عن ذلك تفتح عيادة بيطرية مع أميرها، تغيرٌ يتلاقى مع "المرأة العصرية".

شهدت سندريلا والجميلة النائمة تحولات كثيرة مختلفة نتيجة للتغيرات الاجتماعية إضافة إلى هذه الانحرافات المعروفة جيداً والحركات. العنوان الرئيسي لكتب الأطفال يمكن استكشافه بشكل أبعد لاختبار أي من العناصر التقليدية في سندريلا والجميلة النائمة تمت المحافظة عليها وأي منها غُيرِّت على نطاق عالمي، سواء لإثبات القضية حول إشكاليات الطبعات القديمة أو لجعلها أكثر ملائمة للمجتمع اليوم. تأثير المجتمع على سندريلا والجميلة النائمة يمكن ربطه فقط من خلال تأثير الحكايتين على المجتمع، وسوف يستمر هذا التأثير وينمو وينضج كما نضجت الأميرتان. أياً كان التحول التالي، من التمرد إلى الغضب إلى السعادة الكلاسيكية، فسوف تحيا سندريلا والجميلة النائمة إلى الأبد.


المراجع المذكورة:


Cohen, Della. Walt Disney’s Cinderella. New York: Random House, 1999.

Dundes, Alan ed. Cinderella: A Casebook. Madison: U of Wisconsin P, 1989.

Perrault, Charles. “Cinderella.” Dundes 14-21.

Yolen, Jane. “America’s Cinderella.” Dundes 294-306.

Greene, Katherine and Richard. The Man Behind the Magic – the story of Walt Disney. New York: Viking Penguin, 1991.

Grimm, Jacob and Wilhelm. The Complete Grimm’s Fairy Tales. New York: Random House, 1972.

Hall, Caroline King Barnard. Anne Sexton. Boston: Twayne Publishers, 1989.

Hapka, Catherine. Walt Disney’s Sleeping Beauty. New York: Random House, 2003.

Lee, Tanith. Dreams of Dark and Light: the great short fiction. Sauk City, WI: Arkham House, 1986.

Levine, Gail Carson. Ella Enchanted. New York: Harper-Trophy, 1997.

Perrault, Charles. Cinderella and Other Tales from Perrault. New York: Henry Holt and Company, 1989.

Sexton, Anne. Transformations. New York: Houghton Mifflin Company, 1999.

Skinner, Daphne. Cinderella: My Side of the Story. New York: Disney Press, 2003.

Warner, Marina. From the Beast to the Blonde. New York: Farrar, Straus and Giroux, 1994.

Yolen, Jane. Briar Rose. New York: Tom Doherty Associates, Inc., 1992.

Zipes, Jack. When Dreams Came True – Classical Fairy Tales and Their Tradition. New York: Routledge, 1999.

The Brothers Grimm: From Enchanted Forests to the Modern World. New York: Routledge, 1988.

هامش:

1- كلمة cinder تعني بحسب قاموس المورد خَبَث الفرن؛ رماد؛ جمرة مطفأة غير كاملة الاحتراق. واسم سندريلا الذي أطلقته عليها الأختان، مشتق من هذا المعنى كونها كانت دائماً متسخة الوجه والثياب جراء عملها في المطبخ في أعمال الطعام والتنظيف. (المترجم)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مضى عهد النوم في الرماد كيف يُنضج المجتمع سندريلا والجميلة النائمة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المجتمع والعنف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عبير الروح :: الفنون :: الحوار الفكري والإجتماعي والسياسي-
انتقل الى: