عبير الروح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبير الروح

فى الغابة، تتخاصم الأشجار بأغصانها، لكنها تتعانق بجذورها
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
tousman

tousman


عدد المساهمات : 650
تاريخ التسجيل : 08/05/2011

هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري Empty
مُساهمةموضوع: هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري   هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري Emptyالثلاثاء مايو 31, 2011 8:56 am

هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري Arton9068

يرى بعض المدافعين عن الدين بأنه مثل الجنس – كل المحاولات لكبحه أو استئصاله هي عقيمة وغير واقعية ولا إنسانية، لأنه جزء من الطبيعة البشرية. إن قمع الدين كقمع الجنس، ليس مستحيلاً فقط، بل هو كارثيّ أيضاً. فالدين - مثل الجنس - لا يبتعد، بل يعود بقوة مع كل مظاهر الغرابة والانحراف؛ والأنظمة التوتاليتارية في القرن العشرين هي مثال على هذه الحالة- فهي أديان منحرفة فاسدة.

هذه هي وجهة نظر الفيلسوف السياسي الإنكليزي جون غراي John Gray والتي طرحها في مقالته "وهم الملحد" في جريدة الغارديان في 15 آذار، 2008. وقد أبدى الناقد الأدبي الإنكليزي تيري إيغلتون Terry Eagleton وجهة النظر نفسها في كتابه: في العقل والإيمان والثورة: تأملات حول موضوع الله (2009)، ويجري إيغلتون مقارنة ليست في محلها بين المسيحية وعبادة ديونيسوس – إله الخمر والجنس والمرح الإغريقي (ص92)، بافتراض أن نفي ديونيسوس يقود في النهاية إلى عودته، يرافقه أتباعه المتوحشون الجامحون. وهذا ما يعنيه إيغلتون بقوله "عودة المقموع." ومع أن إيغلتون وغراي لا يشرحان لنا هذا الأمر، فالفكرة بحدّ ذاتها تعود إلى فرويد وقد تم تفصيلها بوضوح في "أخلاقيات الجنس المتحضرة والمرض العصبي الحديث." ووفقاً لفرويد فإن الكبت الشديد للجنس يؤدي إلى العُصاب والاضطرابات العصبية. ويحاول غراي وإيغلتون تطبيق نظرية فرويد عن الجنس على الدين، ويصرّون على أنَّ قمعَ الدين مسؤولٌ عن تحوله إلى التطرف والانحراف.

وبحسب غراي وإيغلتون فإنّ "الملحدين الجدد" فشلوا في إدراك أن الفظاعات التي حدثت في القرن الماضي لم تكن من عمل الدين كمفهوم متفق عليه من قبل الجميع، بل من عمل الأنظمة العلمانية-الشيوعية والفاشية- والتي بقمعها للدين حصلت على نتائج عكسية حولتهم إلى أشكال مشوهة وقبيحة للدين بالمقارنة مع الانحرافات الناتجة عن الكبت الجنسي. ويحذرنا غراي وإيغلتون بأننا يجب أن نتعلم من دروس الماضي لأن الفكر الإنساني المتحرر و"مُلحديه المتحولين عقائدياً" يقترفون الخطأ نفسه. وبحسب هذا الافتراض فإن التشدد المسيحي والإرهاب الإسلامي هما تجلّيات "عودة المقموع." لذا فخير للملحدين أن يحترسوا-كلما زادوا في قمع الدين فسيعود هذا الدين ويعضّهم. هنا، فإن المعنى المتضمن غير المصرّح به هو أن قمع الدين قد يكون برهاناً على انفكاك الغرب كما تبين أن القمع الجنسي قد برهن على انفكاك الكنيسة الكاثوليكية.

ويبدو لي أن غراي وإيغلتون يطرحان زعمين مختلفين جداً يتوجب أن نميزهما- أحدهما واقعي (من الحياة الواقعية)، والآخر فلسفي. والمزعم الواقعي أن الأنظمة الاستبدادية في القرن العشرين (الشيوعية والنازية) قمعت الدين. أما المزعم الفلسفي أن قمع الدين قد خلق نوعاً من التوق الشديد لما تمّ قمعه ما أدى بهذه الأنظمة في نهاية المطاف إلى أن تتحول إلى أشكال منحرفة وفاسدة للدين. وكما سأبين فإن كلا الادعاءين ينطويان على إشكالية واضحة.

أولاً، إن الادعاء بأن الدين قد تم قمعه بوحشية في القرن العشرين قول مبالغ فيه جداً. فالشيوعيون من أمثال لينين وستالين كانا بالفعل مُعاديين للدين لأنهما كانا متفقين على وجهة نظر ماركس أن الدين هو "أفيون الشعوب"-أي أنه يدعم النظام القائم بأن يَعد المضطهدين المظلومين بالمكافأة في الحياة الآخرة، وبذا جعْلهم سهلي الانقياد مذعنين ومستسلمين لحالتهم المزرية؛ بهذه الطريقة فالدين يلعب دوراً معادياً للتغيير والثورة على ما هو قائم. ولمقاومة هذا التأثير أطلق لينين العنان للإلحاد، ولكنه لم ينوِ أن يهدم الدين بين ليلة وضحاها، فقد آمن بأنه حالما تحول العالم إلى الشيوعية فإن الدين سيختفي تدريجياً لأنه لن تبقى له وظيفة تذكر. لقد تم الاعتقاد أن الناس المتدينين يعانون من "وعي أو إدراك زائف"، لذا فهم كانوا بحاجة للمساعدة وليس الاضطهاد. أما الكنائس التي عملت على إدامة الوعي الزائف وأيّدت أعداء الثورة كانت بالطبع قضية أخرى.

اتخذ لينين خطوات صارمة بحق الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية لأنها نشطت كثيراً في دعم نظام القيصر، فهي كانت تساعد الشرطة السرية التابعة للقيصر في التعرف على الثوار والقبض عليهم؛ وكانت تحرم وتطرد الذين يدعمون الثورة؛ بالإضافة إلى تقديم مساعدة مادية للجيوش البيضاء ضد الجيوش الحمراء في الحرب الأهلية التي تلت قيام الثورة عام 1917. وعندما قاوم بعض رجال الدين مصادرة الذهب والفضة من كنائسهم لإطعام الجموع المتضورة جوعاً خلال مجاعة عام 1921 تمَّ إعدامهم؛ وبعبارة أخرى، إن التجسيد المنظم للدين كخادم للنظام القديم قد تمَّ قمعه. فالدين كمفهوم إيماني فردي خاص لم يُمنع ويُحرّم أبداً، والمتدينون لم يتم اضطهادهم أبداً لكونهم متدينين. بالإضافة إلى ذلك، فستالين عَكَسَ سياسة لينين تماماً بأن صادَق الكنائس، ومدّ لها يد العون في إدراك ساخر بأن الدين بإمكانه أن يخدم كوقود فعّال لجهود الحرب، لذا فالقول بقمع الشيوعية للدين أمر ينطوي على مبالغة واضحة.

وبخلاف الشيوعيين، فقد عرف النازيون في ألمانيا والفاشيون في إيطاليا كيف يستخدمون الدين لخدمة غاياتهم، وذهبوا بعيداً في مغازلة الكنيسة الكاثوليكية التي شعرت بالإطراء والابتهاج نتيجة ذلك. عندما وصل النازيون إلى السلطة في ألمانيا، تودد هتلر – الذي حصل على تربية كاثوليكية من قبل أمه – إلى الكنيسة كثيراً. هنا، فالمسألة ليست إذا كان هتلر مؤمناً حقيقياً أو متلاعباً ساخراً بالدين، فلقد قدّم نظامه كمُضاد للنظام السوفييتي الملحد. واعتبرته الكنائس مدافعا عن الدين ضد خطر الشيوعية – لذا فكان من الطبيعي بالنسبة لهم أن يكونوا إلى جانبه. وانتقد البابا بيوس الثاني عشر الشيوعيين بشدة ولكنه لم ينتقد هتلر. في النتيجة، وبانتقامه من قتلة الآلهة (قتلة المسيح) فقد كان هتلر يقوم بالعمل نيابة عن الله. ولمئات السنين اعتاد الأوروبيون اعتبار اليهود عرقا ملعونا وبغيضا، ولمئات السنين عزلت الكنيسة الكاثوليكية اليهود في غيتوهات، وأرغمتهم على ارتداء أزياء خاصة، كما اعتبرت أن ممتلكاتهم مكتسبة بطريقة غير شرعية، وصادرت ثرواتهم، وخطفت أولادهم، وعذبتهم في سجون محاكم التفتيش، وفرضت جملةً من الغرامات المالية والمحظورات القانونية على أنشطتهم- ولهذا السبب لم يبتدع النازيون شيئاً جديداً بما يتعلق بهذه المسألة. وبعيداً عن مسألة قمع الدين، فالنازيون استخدموه لمصلحتهم الخاصة.

وفي إيطاليا، فعل الفاشيون الأمر ذاته، فقد عقدوا اتفاقاً مع الكنيسة الكاثوليكية تمَّ بموجبه أنه بمقابل تأييدها بالإضافة إلى 105 مليون دولار فإنهم سيمنحون البابا سيادة مطلقة على المئة وثمانية فداناً التي ستشكل مدينة الفاتيكان. وفي حالة من الانتشاء والرغبة بالعودة إلى المجد السابق سخَّرت الكنيسة كل ما لديها من نفوذ وسلطة لشرعنة وتأييد النظام الفاشي؛ وبعبارة أخرى، فقد باعت الكنيسة روحها للشيطان من أجل المال والسلطة. ولم يُلغَ هذا الاتفاق - المعروف بتفاهمات لاتيرنا الذي وُقِّع عام 1929 – في شهادة مخزية على تبعية المجتمع الدولي لأكثر المنظمات الدينية فظاعة. باختصار، فإن فكرة غراي وإيغلتون عن عسكرة العلمانية في القرن العشرين هي ضرب من الخيال.

الادعاء الثاني الذي طرحه كل من غراي وإيغلتون هو فلسفي حيث يقول أن قمع الدين يؤدي بالأنظمة للتحول إلى نُسخٍ منحرفة فاسدة عن الدين بافتراض أنها تتخلص من الله فقط ليُحِلّوا محلَّه التاريخ (الشيوعيون) والطبيعة (النازيون). يُفهم من ذلك أن هذه الأديان البديلة الصنعية هي أكثر فساداً وشروراً من نظيراتها الأصلية.

برأيي، لا الإيمان بالله ولا الإلحاد يحوِّلان الناس أوتوماتيكياً إلى قتلةٍ أو إرهابيين. فالناس الذين يجهدون لكي يكونوا صادقين ومستقيمين ونبلاء إما لكي يُرضوا الله (المؤمنون) أو ليُرضوا أنفسهم أو إخوتهم في الإنسانية (الملحدون) ليسوا تهديداً لأي أحد. ما يجعل الناس تهديداً للنظام العام ولكرم الأخلاق هي هذه العقائد الهدّامة الثلاثة التالية والتي ورثتها الشيوعية والنازية من المسيحية:

1- هنالك خطة أو غاية أو وجهةٌ بالإمكان إدراكها والتي يسير تاريخ البشرية باتجاهها – هذه الخطة تخصُّ وتعود لله والتاريخ والطبيعة.

2- المؤمنون الحقيقيون (بالله والتاريخ والطبيعة) متأكدون أن الخطة هذه تتضمن تحولاً عجيباً ورائعاً للعالم، والعالم كما نعرفه سيتم تدميره واستبداله بشكل جديد ومستحدث من الوجود.

3- الكائن البشري بإمكانه وينبغي له أن يلعب دوراً فعالاً في تحقيق هذه الخطة الكبرى.

إن هذه الرؤية الكارثية – في تجلياتها الدينية كما في تجلياتها الدنيوية – تُعرِّض الإنسانية إلى خطر حقيقي لأنها ليست مجرد شجبٍ لمظالمَ معينة بل إنها رفض جذري للعالم كما نعرفه.

وخلافاً لغراي وإيغلتون، فأنظمة القرن العشرين الاستبدادية لم تكن نتاجات مرضية لقمع المسيحية. فالأخيرة منذ بدايتها ظهرت بكامل انحرافها وفسادها الكارثي. فبإمكاننا فهم شعور الرومان القدماء بالصدمة بابتهاج المسيحيين بتنبؤهم بحريق يدمِّر العالم؛ فقد كانوا مرتعبين عندما أقدم متعصبون مسيحيون على إشعال حرائق هائلة في مسعىً لتسهيل "الحريق الضخم الأخير". لقد تم اعتبار المسيحية خارجة على القانون بسبب فسادها وانحرافها- لقد كانت تهديداً للسلام والنظام والأمن.

إن المشكلة في الادعاء بأن كل فظاعات القرن العشرين هي مثال على "عودة المقموع" هي إخفاقه في تفسير سبب لجوء الدين إلى الانتقام والدمار حتى عندما كان مسيطراً كما في القرون الوسطى، وخلال حروب الأوروبيين الدينية في القرنين السادس والسابع عشر. وفي عصرنا هذا، فالدين ليس مقموعاً، لا في أمريكا ولا في إسرائيل ولا في العالم الإسلامي، ومع هذا فهو يلعب دوراً فاسداً هدّاماً في سياسات هؤلاء الخصوم. إن الحقيقة هي أن الدين ليس كالجنس - فالجنس يتم إشباعه من خلال الحرية، أما الدين فهو يسعى للهيمنة والسيطرة.



Shadia Druryشاديا دروري: حاصلة علة شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة يورك York في أونتاريو، تورونتو، كندا (1978) وأطروحتها كانت بعنوان "مفهوم القانون الطبيعي".

تترأس حالياً قسم الأبحاث الكندية في العدالة الاجتماعية بجامعة ريجينا Regina.

المصدر:
http://secularhumanism.org/index.ph…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هل الدين مثل الجنس؟-شاديا دروري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البابا والأقزام بحثا عن الدين الأوّل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عبير الروح :: الفنون :: الحوار الفكري والإجتماعي والسياسي-
انتقل الى: